سم النحل Venom of Bee
يفرز سم النحل من غدد خاصة متحورة عن الغدد الزائدة ومرتبطة بآلة اللسع التي تحورت هي الأخرى عن آلة وضع البيض في كل من الشغالة والملكة. وتتكون غدنا السم من أنبوبتين طويلتين داخل غرفة اللسع تنتهيان بقناة واحدة مشتركة لتصب إفرازها في كيس رقيق الجدران مرن، يعرف بمخزن السم أو كيس السم، وفي حالات شاذة تفتح كل غدة بفتحه مستقلة أو قد تتفرع كل غدة إلى شعبتين أو واحدة طويلة والأخرى قصيرة، ولكنها حالات نادرة، والقناة المشتركة لغدتي السم تبدأ إفرازها مباشرة عقب خروج الحشرة الكاملة من طور العذراء، ثم تزداد تدريجيًا كمية السم المفرزة حيث يمكن قياسها بعد 3 أيام من خروج الحشرة الكاملة إلى أن تصل إلى أقصاها في عمر من 10-16 يومًا، وعندئذ تكون حوالي 0.3 مجم سائل، أو حوالي 100 ميكروجرام مادة جافة ثن يتناقص هذا الإفراز بعد أن تبلغ الشغالة 20 يوما، وتصبح الشغالة الحقلية السارحة غير قادرة على ملء كيس السم الفارغ مرة أخرى.
لوحظ أن الشغالة التي تفقس في الخريف تظل على إفراز السم في الربيع التالي، وقد ذكر أيضًا أن البروتين الذي تحتاجه شغالة نحل العسل في غذائها مهم جدًا في إنتاج سم النحل، فقد لوحظ أن الشغالات التي تغذت على محاليل سكرية خالية من حبوب اللقاح تكون قادرة على إفراز كمية قليلة من السم تعدل فقط 23% من تلك الكمية التي تفرزها زميلتها التي حصلت على حبوب اللقاح في غذائها.
الصفات الطبيعية والكيماوية لسم النحل
الصفات الطبيعية
سم النحل سائل شفاف ذو رائحة نفاذة تشبه رائحة العسل نوعًا، طعمه لاذع، مر كمادة محترقة. كثافته النوعية حوالي 1,1313، له تأثير حامضي على ورقة عباد الشمس. يجف عند تعرضه للجو على درجة حرارة الغرفة، ويفقد حوالي 30-70% من وزنه، وعندها يتحول إلى كتلة شفافة لزجة تشبه الصمغ وتذوب في الماء وبعض الأحماض.
سم النحل مقاوم للقلويات ولحمض الكبريتيك تحت أي مدة، ولكن تركيبه يتغير إذا تم تسخينه مباشرة مع حمض الهيدروكلوريك أو القلويات. كما أن معاملته ببرمنجانات البوتاسيوم أو أي مادة مؤكسدة يفقده نشاطه الحيوي، وهو مقاوم إلى حد كبير للحرارة.
الصفات الكيماوية
يتكون سم النحل من مجموعتين كبيرتين من المركبات التي يمكن تقسيمها على
أساس الوزن الجزيئي إلى:
- مركبات ذات وزن جزيئي منخفض Low molecular weight agents
تبلغ نسبة هذه المركبات 24% من الوزن الجاف لسم النحل، وهي:
- هستامين Histamine – دوبامين Dopamine
- نورادرينالين Noradrenaline
- مركبات ذات وزن جزيئي مرتفع High molecular weight agents
هي مركبات بيتيدية تمثل 50-60% من وزن السم الجاف، وتشمل:
- ميليتين Melittin (بروتين) -إيبامين Apamine (بروتين)
- منيمين Minimune (بروتين)
- إنزيم الهياليورونيديز Hyaluronidase
- بيتيد يسمى ال (MCD) Mast cell degranulating
- إنزيم الفوسفولييز Phospholipase A
كيفية الحصول على سم النحل
يمكن الحصول على سم النحل بطريقة اللسع المباشر من الشغالة على المكان المطلوب وبالعدد المناسب من اللسعات. أو بوضع هذه الشغالات داخل محتوى زجاجي بعد تبطينه من الداخل بورق ترشيح نظيف، ثم يوضع داخله قطعة صغيرة من ورق الترشيح مبللة بالأثير أو الكلوروفورم ويحكم قفله، وفي الحال سوف يثار النحل بداخل الإناء وتبدأ في لسع ورقة الترشيح وتفريغ كميات السم بداخلها.
يلاحظ ترك عدد كبير من الشغالات لآلات اللسع على الورقة وحولها بقعة صغيرة من السم، بعد ذلك تنظف ورقة الترشيح سريعًا وتوضع في الماء المقطر لتمام غسل السم، ولحسن الحظ أن السم يذوب في الماء تمامًا.
بعد ذلك ترشح المحتويات ويستقبل الراشح ليجرى عليه عملية تجفيف تحت درجة حرارة منخفضة، فتظهر في النهاية بلورات السم.
لكن هذه الطريقة غير دقيقة بسبب إرجاع النحل لمحتويات معدة العسل، لذلك استحدثت طرق جديدة تضمن نقاء السم، وتتمثل هذه الطريقة في استخدام جهد كهربي صغير لا يتعدى 4-6 فولت يوصل بأسلاك دقيقة وأسفلها غشاء رقيق من المطاط، يوضع عند مدخل الخلية، وبوقوع النحلة بين سلكين موجب وآخر سالب
فإنها تأخذ شحنة كهربية فتقوم بلسع الغشاء الملاصق لهذا السلك، ثم يجمع السم من الجهة الخلفية نقيًا تمامًا.
لسم النحل bee venom تاريخ طويل، فقد اعتقد القدماء في قدرة سم النحل على مقاومة الالتهابات الروماتيزمية anti-arthritic. ومن المعروف أن Hippocrates قد استخدم لدغ النحل في علاج Galen في عام 130 من الميلاد، وكتب عن استخدام سم النحل في العلاج.
من الناحية التطبيقية يستخدم النحل في لدغ المنطقة المصابة من جسم المريض لعدة مرات وعلى فترات فاصلة. حيث يزداد اللدغات تدريجيًا إلى أن يكتسب المريض مناعة ضد لدغ نحل العسل، بعدها يظهر تأثير السم في علاج الأمراض الروماتزمية. أما الآن فهناك طرق جديدة للاستفادة من الفوائد الصحية لسم النحل بعيدًا عن استخدام اللدغ المؤلم للمريض.
أما عن كيفية عمل وتأثير سم النحل في شفاء الأمراض، فقد صيغت نظريتان لوصف أسلوب السم في العلاج، وتشير النظرية الأولى إلى أن اللدغ يثير ردود فعل مناعية قوية في الجسم، أو أن السم يحفز الغدد الأدرينالينية adrenal glands على إنتاج ال cortisol، وهو هرمون له خواص مضادة للالتهابات الروماتزمية anti-inflammatory. وقد ذكر لي بعض النحالين أنهم استخدموا سم النحل في علاج مرضى الروماتيزم لمدة تقرب من 60 عامًا، وأن 80% من المرضى قد تحسنت حالتهم تمامًا.
لقد نشر أكثر من 1500 بحث في المجالات العلمية الأوروبية والأسيوية حول الخواص العلاجية لسم النحل.
في عام 1993 نشرت دراسة عن أن بعض الجرذات المصاب بمرض التهاب المفاصل قد أعطيت سم النحل كعلاج، وقد أسفرت النتائج عن تحسن حالة الفئران وانخفاض مقدار ال AGP (alpha one-acid glycoprotein)، لكن الباحثين اعتقدوا أن لدى الفئران نظام مناعي معين وأنه السبب في خفض ال AGP، لذلك قام الباحثون بحقن الجرذان بمادة ال AGP التي عجلت من تطور الروماتيزم arthritis وزيادة شدة المرض، الأمر الذي ثبت معه قدرة السم على تقليل مسببات الالتهاب.
ويؤكد المرضى والمعالجون على قدرة سم النحل في مقاومة العديد من الأمراض المزمنة وتحسن حالة المرضى بشكل ملحوظ، وقد بدى ذلك واضحًا في مرضى الروماتيزم، ومرضى المناعة الذاتية auto-immune disorders، مثل تصلب الأنسجة المتعدد multiple sclerosis وداء الذئبة lupus.
إزالة لدغات النحل Removing bee stings
عند إزالة إبرة اللدغ لنحلة العسل، مطلوب السرعة ولا يهم الطريقة. تشير النصائح التقليدية إلى أن المعالجة الفورية من لدغ نحل العسل قد أكدت إلى أنه يجب كشط إبرة اللدغ وعدم قصها، ولا توجد قاعدة محددة لكشط إبرة اللدغ، المهم أن تزال هذه الإبرة بسرعة وبأي طريقة لتخرج من الجلد تمامًا.
أجريت تجارب حول مدى الاستجابة للدغ نحل العسل، وذلك من خلال قياس مقدار تأثير اللدغة بحقن مقادير محددة من سم النحل، فكانت النتائج تشير إلى أن أعراض التسمم envenomization كانت جيدة.
وقد ثبت أن أعراض التسمم تزيد بزيادة الوقت الذي يمضي بين اللدغ وإزالة إبرة اللدغ، وحتى لو كان الوقت الفاصل هذا ثواني قليلة، كما أن استجابة الجسم تختلف باختلاف طريقة إزالة إبرة اللدغ من حيث كونها كشطت أو قصت بعد ثانيتين من حدوث اللدغ.
إن الترجمة الفورية لهذه المعلومات تعني نصيحة المرضى الذين يعالجون بلدغ النحل، بأن يعملوا على إزالة إبرة اللدغ بسرعه شديدة دون أن نحدد لهم طريقة الإزالة، المهم عدم قص الإبرة.
لدغ النحل عملية مؤلمة بشكل عام، ولكن الجرح الذي يسببه نادرًا ما يكون مميتًا، وتشير كل الآراء إلى أنه يجب كشط إبرة اللدغ في الحال باستخدام: سكين، كارت تليفون، بطاقة ائتمان، قصافة أظافر، لكن هذه النصائح لاقت الكثير من الشك بعد دراسة تركيب إبرة اللدغ في نحلة العسل، حيث وجد أن التأثير السام لسم النحل يكون بنفس القدر سواء أزيلت إبرة اللدغ بالكشط أو القص، فالتأخير الناتج في كلتا الحالتين يؤدي إلى نفس التأثير السام.
عندما تقوم نحلة العسل باللدغ، فإن أجزاء من جسم النحلة تنفصل مع إبرة اللدغ بعد قيام النحلة باللدغ، وذلك مقارنة بلدغ الحشرات الأخرى، وتشمل هذه الأجزاء، أجزاء داخلية من حلقة البطن البعدية، ممتدة مع العقد العصبية والعضلات المختلفة وكيس السم والجزء الأخير من القناة الهضمية للنحلة.
تتكون إبرة اللدغ نفسها من مشرطين مغطيين بأشواك منحنية من الخارج عند نهاية إبرة اللدغ، وتدخل هذه الإبرة داخل أخدود كأنها خنجر رفيع stylet (مرود). (انظر الشكل المقابل).
إن الحركات العضلية للإبرة المنفصلة تنسقها عقدة عصبية متصلة بها تعمل على تحريك المراود stylets بشكل متعاقب، حيث تعمل الأشواك barbs على فتح طريق يساعد الإبرة على التعمق في لحم الملدوغ. يعمل الصمام والمكبس piston عند النهايات الأقرب على تحريك بين المراود والمشارط وخلال فتحة بالقرب من قمة الجرح.